أمراض القلب الخَلْقية ومتلازمة داون

يعاني ما يقارب 50% من الأطفال المصابين بمتلازمة داون من عيوب القلب الخلقية وأحد أشكال أمراض القلب، إذ تعتبر هذه النسبة عالية مقارنة بالأطفال الطبيعيين والذين يصابون بأمراض القلب الخلقية عادةً بنسبة 1% فقط، فلماذا ترتبط متلازمة داون بأمراض القلب الخلقية؟ وما هي أمراض القلب الخلقية المرتبطة بمتلازمة داون؟^[١]

لماذا ترتبط متلازمة داون بأمراض القلب الخلقية؟

من المعروف أن متلازمة داون مرتبطة بأمراض القلب الخلقية، إلا أن السبب وراء ذلك ما يزال مجهولاً، ولكن يُعتقد أن الجينات تلعب دوراً مهماً في هذا وخاصة الكروموسوم الإضافي 21 الموجود عند جميع المصابين بمتلازمة داون، وقد أظهرت الدراسات التي أجريت على الأطفال المصابين بمتلازمة داون أنهم يعانون من نقص في بعض المواد الجينية؛ والتي قد تكون مهمة في تشكيل عضلة القلب بشكلٍ صحيح.^[٢][٣] 

ما هي أمراض القلب الخلقية المرتبطة بمتلازمة داون؟ 

توجد بعض أمراض القلب الخلقية (ثقب القلب) التي ترتبط بمتلازمة داون، تشمل ما يلي: 

عيب الحاجز الأذيني البطيني 

ينتج عيب الحاجز الأذيني البطيني (Atrioventricular Septal Defect) عندما يحدث قصور في اتصال أنسجة القلب مع بعضها خلال المرحلة الجنينية، مما يؤدي إلى تشكل فتحة كبيرة في وسط القلب، ووجود عيب في الحاجز البطيني (الذي يفصل بين البطينين)، وعيب في الحاجز الأذيني (الذي يفصل بين الأذينين)، بالإضافة إلى تشوهات في الصمامات الأذينية البطينية، والصمام التاجي، والصمام ثلاثي الشُرف، ومن الجدير بالذكر أنه في الحالات البسيطة من هذا المرض تحدث عيوب الحاجز البطيني والحاجز الأذيني بشكلٍ منفصل،^[٤] وفي أغلب الحالات، تظهر أعراض عيب الحاجز الأذيني البطيني خلال الأسابيع الأولى من الولادة، وفي حالات نادرة قد تظهر الأعراض في وقتٍ متأخر من الطفولة، وبشكلٍ عام تكون الأعراض خفيفة إذا كانت الثقوب في جدان القلب صغيرة، وفيما يلي أبرز أعراض عيب الحاجز الأذيني البطيني:^[٥]

• التنفس السريع. 
• ضيق أو صعوبة التنفس خاصة أثناء الرضاعة. 
• عدم انتظام ضربات القلب. 
• التعرق عند الرضع، خاصة أثناء الرضاعة. 
• تأخر في النمو. 
• صعوبة في ممارسة الرياضة. 
• الشعور بالإرهاق. 
• خفقان القلب. 

القناة الشريانية المفتوحة 

يحدث عيب القناة الشريانية المفتوحة (Patent ductus arteriosus) واختصاراً (PDA)، عندما لا تنغلق القناة الشريانية بعد ولادة الطفل، وهي عبارة عن قناة تربط بين القلب والرئتين عند وجود الجنين داخل الرحم، وغالباً ما يتم تشخيص هذا المرض بعد الولادة، ولكن لا تظهر الأعراض على جميع الأطفال، وإذا ظهرت الأعراض فإنها تتضمن ما يلي:^[١]

• الشعور بالإرهاق. 
• التعرق. 
• صعوبة أو سرعة التنفس. 
• فقدان الشهية. 
• عدم اكتساب الوزن كما هو متوقع عند نمو الطفل. 

رباعية فالو 

تعرف رباعية فالو (Tetralogy of fallot) واختصاراً (TOF) بأنها اضطراب في القلب يتضمن الإصابة بـ4 عيوب قلبية ذات صلة تحدث عادة معًا، وتتضمن عيوب القلب الأربعة ما يلي:^[٦]

• عيب الحاجز البطيني: (Ventricular septal defect) واختصاراً (VSD)، وهو عبارة عن ثقب في الحاجز الذي يفصل بين البطين الأيمن والبطين الأيسر للقلب. 
• الأبهر الممتطي: (Overriding aorta)، وفيه يتضخم الصمام الأبهري، وينشأ من كلا البطينين الأيمن والأيسر بدلاً من البطين الأيسر فقط كما هو الحال في الوضع الطبيعي. 
• التضيق الرئوي: (Pulmonary stenosis)، وهو عبارة عن تضيق يصيب الصمام الرئوي ومجرى الدم أو المنطقة الواقعة تحت الصمام، مما يؤدي إلى إعاقة تدفق الدم من البطين الأيمن إلى الشريان الرئوي. 
• تضخم البطين الأيمن: (Right ventricular hypertrophy)، وفيه تزداد سماكة الجدران العضلية للبطين الأيمن، نتيجة ضخه للدم تحت ضغط مرتفع.

من الجدير بالذكر أن الأطفال المصابون برباعية فالو غالباً ما يُعانون من الازرقاق؛ ويتمثل بظهور لون أزرق أو أرجواني على جلد الطفل وشفتيه وأظافره، وقد تحدث الأمور التالية إذا لم يتم علاج الطفل من رباعية فالو:^[٧]

• ازدياد سوء الازرقاق. 
• انخفاض شديد في مستويات الأكسجين في الدم. 
• المعاناة من الدوخة أو الإغماء.
• حدوث النوبات التشنجية. 
• زيادة خطر الإصابة بالتهاب الشغاف (Endocarditis)، وهو التهاب يصيب الطبقة الداخلية للقلب. 
• ارتفاع الضغط في الجانب الأيمن من القلب، والذي قد يؤدي إلى عدم انتظام في ضربات القلب.

ما هو مرض القلب الخلقي الأكثر شيوعًا عند المصابين بمتلازمة داون؟ 

يعتبر عيب الحاجز الأذيني البطيني من أكثر عيوب القلب شيوعاً عند الأطفال المصابين بمتلازمة داون، إذ تكون نسبته 45% مقارنة مع باقي أمراض القلب الخلقية المرافقة لمتلازمة داون.^[٨]

متى يمكن تشخيص أمراض القلب الخلقية عند المصابين بمتلازمة داون؟ 

نظراً لأن بعض الأطفال المصابين بمتلازمة داون يعانون من عيوب خلقية في القلب وصعوبة في التنفس وتأخر في النمو، فمن المهم أن يخضع جميع الأطفال المصابين بمتلازمة داون لتخطيط صدى القلب (Echocardiogram) خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحياة، حتى وإن لم تظهر لديهم أية أعراض؛ وذلك لأن المرض لا يكون واضحاً لدى بعض الأطفال، ومن الجدير بالذكر أنه يمكن تشخيص بعض أمراض القلب من خلال التصوير بالموجات فوق الصوتية أو السونار (Ultrasounds) قبل الولادة.^[٤]

كيف يمكن علاج أمراض القلب الخلقية عند المصابين بمتلازمة داون؟

قد لا يكون هناك حاجة للعلاج في أغلب حالات الإصابة بعيوب القلب الخلقية لدى مرضى بمتلازمة داون، ولكن في بعض الحالات يكون العلاج ضرورياً حسب نوع المرض، وخطورته، وعمر الطفل، وحجمه، وصحته العامة، حيثُ يمكن أن يتضمن العلاج استخدام الأدوية، أو قسطرة أو جراحة القلب، أو زراعة القلب.^[٩] 

هل يختلف علاج أمراض القلب الخلقية عند المصابين بمتلازمة داون عن علاج غير المصابين؟ 

الإجابة لا، ففي العادة يكون العلاج متماثلاً عند المصابين بمتلازمة داون وغير المصابين، ولكن قد تختلف الاستراتيجيات المتبعة في الجراحة، وتوقيت الجراحة، والعناية الطبية اللازمة، نظراً لأنّ المريض مُصاب بمتلازمة داون أيضاً.^[٨] 

أمراض القلب الخلقية عند المصابين متلازمة داون والعناية بالفم 

يعاني المرضى المصابون بأمراض القلب الخلقية من ازدياد خطر الإصابة بعدوى القلب، وعلى الرغم من أن ذلك أمر نادر الحدوث إلا أنه من المهم أخذ الاحتياطات اللازمة لتقليل فرص الإصابة به، ومن أكثر أسباب الإصابة بعدوى القلب هو تسوس الأسنان، إذ تنتشر الجراثيم وتنتقل إلى مجرى الدم وقد تصل للقلب، لذلك من المهم اتباع الخطوات التالية:^[١٠]

• المحافظة على نظافة الأسنان عن طريق الالتزام بزيارات منتظمة لطبيب الأسنان. 
• الحرص على إخبار طبيب الأسنان بأمراض القلب والأمراض الأخرى التي يشكو منها الشخص قبل الخضوع لعلاجات الأسنان، وذلك لأن الجراثيم قد تدخل إلى مجرى الدم أثناء العلاج، ويمكن تجنب هذه المشكلة من خلال إعطاء المريض جرعة واحدة من المضادات الحيوية قبل ساعة من العلاج لقتل الجراثيم.